إذا أردت أن تعرف قيمة تحدي الإعاقة.. فلابد أن تتعرف على عمار بوقس، وإذا كان معنى الإرادة غير واضح بالنسبة لك.. فانظر في وجه عمار بوقس سوف تتعلم أعمق معانيها. إن عمار بوقس ليس مجرد شاب ابتلاه العلي القدير بالإعاقة، ولكنه قيمة ومعنى ونموذج يحتذى ليس فقط في مواجهة الإعاقة ولكن في التصدي لليأس والحزن من نفسه والعزلة على نفسه والشفقة والعطف من الآخرين.. ومن المدهش إنه كان لعمار بوقس مائة سبب وعذر بأن لا يفعل شيئا ويظل بقية حياته مجرد إنسان معوق.. ولكن ما حدث عكس ذلك تماما حيث رفض وتحدى وتصدى لكل الأسباب والأعذار لأن يعيش على هامش الحياة ليكون شخصية بارزة في دائرة الضوء!
ولهذا لم يكن من المستغرب أن تمنح جمعية الأطفال المعوقين " عمار بن هيثم بوقس " جائزة التميز للمعوقين في عام 2012، لأنه رغم إصابته بشلل تام في جميع أطرافه منذ الولادة، إلا أنه أثبت أنه صاحب قدرات خاصة حيث التحق بمختلف المراحل الدراسية حتى نال الـثـانـويـة الـعـامـة مـن الـمـعـهـد الـعـلـمـي بـجــدة الـتـابـع لجامعـة الإمام محـمـد بـن سـعـود الإسلامية بتـقـديـر امـتـيـاز بـنـسـبـة 96 % (انـتـسـاب) عام 1423 / 1424 هـ. ثم التحق بجامعة الملك عبد العزيز بجدة وحصل على بـكـالـوريـوس فـي الآداب قــســم إعلام - عــلاقـات عامة بـمعـدل 4.73 من 5 وتـقـديـر عـام مـمـتـاز مع مـرتـبـة الشرف الأولى على الجامعة. وحفظ القران الكريم كـاملا وعـمـره 13 سـنـة. ثم واصل حياته العملية كمـحـرر وكـاتـب صـحـفي ريـاضـي واجتماعي في جـريـدة الـمـديـنـة ثم في جريدة عكاظ، ويقدم ويعد بـرامـج تـلـفـزيـونـيـة. والـمـشرف الـعـام عـلى مـوقـع قـروب شـبـاب كوم.(shbab-com.com) ومدير عام فرع جدة والمستشار الإعلامي لشبكة أثير الإبداع الإعلامية، والمدير الإقليمي لقناة الملتقى الفضائية بمنطقة مكة المكرمة. وعـضـو لـجـنـة الإعلام والـدراسـات والـبـحـوث بالاتحـاد الـسـعـودي لـريـاضـة ذوي الاحتياجات الخاصة واللجنة شبه الأولمبية، وعـضـو مـتـعـاون في جـمـعـيـة كـفـى لـمـكـافـحـة الـتـدخـيـن والـمـخـدرات بـمـنطـقـة مـكـة المكرمة. ويحاضر ويشارك في العديد من الندوات والمؤتمرات.. وفوق كل ذلك متزوج، وكما أصدر كتاب " قاهر المستحيل".
ولذلك كان لابد من إجراء هذا الحوار مع "عمار" لنقتفي أثره ونعلم أنفسنا منه ونتعرف أكثر على أنفسنا من خلاله.. ولهذا عندما يتحدث " عمار بوقس" من الأهمية الإنصات إليه..
- كيف يستطيع معوق مثل عمار بوقس أن يحقق التفوق والتميز..وماهي وصفة النجاح لكل معوق؟
= من أهم أسباب نجاحي وتجاوزي للإعاقة بعد توفيق الله عز وجل وتوكلي عليه الإرادة والعزيمة والإصرار على بلوغ الهدف حيث إنني شطبت كلمة الاستسلام من قاموس حياتي وهذه هي الوصفة السرية لكي يتجاوز المعاق إعاقته.
- تخرجت من قسم الإعلام في جامعة الملك عبدالعزيز بامتياز.. فلماذا اخترت مجال الإعلام وكيف تخدم المعوقين من خلاله؟
=اخترت قسم الإعلام لسببين أولهما أنني كنت أملك موهبة الكتابة الصحفية فأردت أن أنميها من خلال الدراسة والسبب الثاني أنني أردت أن أثبت للجميع أن المعاق قادر على النجاح في أي مجال حيث إن الإعلام يتطلب الحركة والحيوية والنشاط وهو ما يتعارض مع الإعاقة لكنني تمكنت بفضل الله عز وجل من النجاح في هذا المجال بشهادة الجميع وأنا أسعى لكى أكون صوتا للمعاقين في الإعلام للتعبير عن قضاياهم ومعاناتهم.
- هل ترى أن ذوي الاحتياجات الخاصة هم أصحاب قدرات خاصة، وأنهم مثلهم مثل غيرهم يحتاجون فرصة لإبراز هذه القدرات للمجتمع؟
= نعم بالطبع وأنا دائما أسميهم ذوي القدرات الخاصة لأنهم بالفعل يملكون قدرات ومواهب خاصة تمكنهم من الإبداع والتميز عن الكثير من الأصحاء لكنهم يحتاجون لمن يمنحهم الفرصة والثقة ليبرزوا هذه المواهب والقدرات
- من الأشياء التي تفخر بها دائما حفظك للقران الكريم خلال عامين وكان عمرك لا يزيد عن 11 سنة.. حدثنا عن ذلك، وكيف كان القران الكريم سندا لك في حياتك؟
= بدأت حفظ القران الكريم وعمرى 11سنة وانتهيت من حفظة وعمري 13 سنة وقد ساهم حفظ القران الكريم في نجاحي في هذه الحياة حيث يعتبر القران الكريم منهاجا لي في حياتي ينير لي طريقي ويسهل أموري
- أصدرت كتاب من تأليفك تحت عنوان " قاهر المستحيل"..فحدثنا أولا عن دلالة العنوان وماذا تريد أن تقول من خلال هذا الكتاب؟
= تشرفت بتدشين كتابي قاهر المستحيل تحت رعاية صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان وبحضور الأمير نواف بن فيصل في حفل جماهيري كبير وعنوان الكتاب هو اللقب الذي عرفت به في وسائل الإعلام أما رسالتي من خلال هذا الكتاب فهي أن المعاق الحقيقي هو معاق الفكر وليس معاق الجسد كما أن المستحيل لا يوجد إلا في قاموس الضعفاء وأحلام العاجزين
- هل الكتاب " قاهر المستحيل" يعتبر رسالة موجهة إلى المعوقين أم إلى كل أفراد المجتمع؟.. وماهي رسالتك للمعوقين في الكتاب؟
= كتابي يحمل رسالة للمجتمع بشكل عام والمعاقين بشكل خاص والرسالة واضحة وصريحة ولا تحتاج إلي تفسير
- هل ما زلت عازما على الحصول على الماجستير والدكتوراه في الإعلام كما قلت من قبل ؟
= نعم ما زلت عازما علي مواصلة دراستي العليا إلي جانب أنني أطمح أن أكون معيدا في إحدى الجامعات
- وماذا تريد أن تثبت من خلالهما لنفسك وللناس ؟
= لا أحتاج أن أثبت شيئا لأحد أو حتى لنفسي لأنني واثق من إمكانياتي وقدراتي
- قامت جهات عديدة باستضافتك لإلقاء محاضرات وقد كان لهذه المحاضرات صدى بين الشباب وحثتهم على الاجتهاد في الحياة لإثبات قدراتهم.. حدثنا عن مشاعرك وقد تمكنت بفضل الله من أن تستبدل نظرات الشفقة عليك من الآخرين كمعوق إلى نموذج يحتذى في النجاح والتفوق ؟
= أشعر بسعادة غامرة عندما يأتيني أحدهم بعد المحاضرة ويخبرني بأنني سبب في تغيير حياته للأفضل كما أنني أشعر بالفخر والاعتزاز عندما أحول نظرة المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة من نظرة الشفقة والتعاطف إلي نظرة الاحترام والتقدير
- قلت يوما لمن سألك عن رحلة علاجك في مستشفيات العالم : "عرضت نفسي على مستشفى القرآن فوجدت العلاج في قوله تعالى) وربك يخلق ما يشاء ويختار ما كان لهم الخيرة ( سبحان الله..حدثنا عن هذا الرضا والقناعة والحمد والشكر لله تعالى، بينما الكثير من الناس يمتلكون الصحة والمال ورغم ذلك هم في صراع مع الطمع طوال الوقت.. ماذا تقول في ذلك وماذا تقول لهم؟
= الحمد لله على قضائه وقدره فالله سلبني نعمة الحركة لكنه عوضني بنعم أخرى كثيرة وأنا حزين جدا على من أنعم الله عليهم بالصحة والعافية ولم يشكروه عليها حق شكرها بطاعته والابتعاد عن معصيته
- ومن كلماتك: "غداً سيكون أجمل".. ماهي تطلعاتك وطموحاتك، وكيف ترى الغد أجمل للمعوقين..واخيرا لوطنك الغالي؟
=لدى الكثير من الطموحات والأحلام لكن الهدف الأسمى هو تغيير نظرة المجتمع نحو ذوي القدرات الخاصة أما عن مستقبل المعاقين فلا خوف عليهم في ظل وجود قيادة حكيمة تهتم بهم وتدعمهم دائما أما وطني الغالي فسيظل شامخا عزيزا عاليا مهما حدث
- كلمة اخيرة تود أن تضيفها.
= الشكر لله ثم للمليك ثم للوطن