د. إبراهيم أبو عباة: نقص الزكوات.. وراء تراجع خدمات الجمعيات
التاريخ : 19/8/2015 الموافق : 1436/11/4
الشيخ ابراهيم ابو عباة (Small)    
  • الجمعية تقدم خدمات شاملة ومتنوعة للمعوقين بأسلوب عصري وحضاري متميز
  • مسابقة الأمير سلطان بن سلمان لحفظ القرآن الكريم للأطفال المعوقين هي عمل نوعي فريد
  • موافقة مجلس الشورى على الأحكام الخاصة بتنظيم سكن أسر المعوقين والمصابين بإعاقة.. من القضايا الكثيرة المهمة التي ناقشها المجلس
  أكد فضيلة الدكتور إبراهيم بن محمد أبو عباة عضو مجلس الشورى عضو مجلس الأمانة العامة لمسابقة الأمير سلطان بن سلمان لحفظ القرآن الكريم للأطفال المعوقين، أن شهر رمضان فرصة لكل صاحب حاجة لأن يرفع حاجته إلى خالقه العظيم، مشيرا إلى أن العبادة مفهوم شامل لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الصالحة؛ فكل عمل خير ومبادرة كريمة ومشروع مفيد يراد به نفع العباد هو عبادة. وقال الدكتور أبو عباة في هذا الحوار بمناسبة الشهر الكريم إن جمعية الأطفال المعوقين شامة في جبين هذا الوطن وهي مفخرة لما تقوم به من خدمات جليلة، موضحا أن تبني الجمعية استراتيجية لإنشاء مشاريع وقفية استثمارية هو توجه شرعي حضاري يدل على بعد نظر القائمين على أمر هذه الجمعية. وأشاد عضو مجلس الشورى بأداء المجلس فيما أصدره من القرارات التي تصب في خدمة المعوقين، ومنها افتتاح مدارس خاصة للإعاقة الذهنية بحسب أنواعها تراعي حاجاتهم ومستوى قدراتهم. وآراء وموضوعات متنوعة أثارها الدكتور إبراهيم أبو عباة في هذا الحوار..
  • نحن في رحاب نفحات الشهر الكريم العامرة بالإيمان وبرحمة العلي القدير على العالمين.. ماذا يقول فضيلتكم لكل صاحب حاجة في هذه الأيام الكريمة؟
= يطل علينا شهر الخير والرحمات شهر الصيام والقيام شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن وهو فرصة كبيرة لكل مسلم ولكل صاحب حاجة أن يستثمر هذا الشهر العظيم بأن يتوجه إلى الله بالدعاء الخالص بأن يرزقه العفو والغفران وهي فرصة لكل صاحب حاجة لأن يرفع حاجته إلى خالقه العظيم بقلب خاشع وتوكل صادق وثقة كبيرة مستثمرا أيام هذا الشهر بالصيام والأعمال الصالحة، ولياليه بالقيام وقراءة القرآن والتقوى والإيمان "يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون". إن من أهداف الصيام الكبرى تحقيق التقوى والتزود بالعمل الصالح.  
  • الأعمال الخيرية والمبادرات الكريمة صارت ذات أهمية كبيرة للعديد من الأفراد والمؤسسات، وتعد امتداداً لرعاية الدولة لمواطنيها، وخصوصاً لفئة المعوقين.. فماذا تقولون في ذلك؟
= نعم، لقد أمر الله عباده المؤمنين بأن يجتهدوا في الطاعات؛ فالله خلق الخلق لعبادته "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون"، والعبادة مفهوم شامل لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الصالحة؛ فكل عمل خير ومبادرة كريمة ومشروع مفيد يراد به نفع العباد والتقرب به إلى الله فهو عبادة "أحب الناس إلى الله أنفعهم للناس وأحب الأعمال إلى الله سرور تدخله على قلب مسلم.." هذا هو المفهوم الحقيقي للعبادة؛ فكل عمل خيري هو عبادة يثاب فاعلها، وقد جاء الحث في كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم- على فعل الخير والتنافس في الأعمال الصالحة؛ فالإيمان مقرون بالعمل الصالح؛ فالصلاة عبادة والصيام عبادة والصدقة عبادة والزكاة عبادة وبناء المساجد والمدارس عبادة ودعم أي مشروع نافع ومفيد عبادة وكل هذه الأمور من الأعمال الصالحة.. وأحسب أن رمضان فرصة عظيمة لمن يرغب في تقديم الأعمال الخيرية وطرح مبادرات إنسانية وإقامة أوقاف أو تقديم تبرعات وهبات تعود بالنفع والخير على الإنسان.. وهذا الجهد الخير من القطاع الأهلي والخاص هو مكمل لجهد الدولة في خدمة الوطن والمواطن ومن أفضل الأعمال وأجلها ما يتفق مع خدمة تلك الشريحة الغالية على نفوسنا جميعاً وهم ذوو الاحتياجات الخاصة فخدمتهم وخدمة برامجهم من الأعمال الطيبة التي تفيد الإنسان في حياته وبعد مماته.
  • كيف يرى فضيلتكم الدور العلاجي والتعليمي والتأهيلي لجمعية الأطفال المعوقين، وحرصها على امتداد مظلة خدماتها المجانية لتشمل مختلف المناطق، بهدف استفادة كل طفل معوق من خدماتها المتخصصة في أي مكان بالمملكة؟
= جمعية الأطفال المعوقين شامة في جبين هذا الوطن وهي مفخرة لما تقوم به من خدمات جليلة وأعمال عظيمة ومبادرات كريمة متنوعة تعليمية وصحية وتأهيلية لفئة غالية تستحق من الجميع كل رعاية وعناية واهتمام. ولقد استطاعت هذه الجمعية المباركة تنويع برامجها والتوسع في مشاريعها لخدمة هذه الشريحة ولم تقتصر خدماتها على مدينة دون مدينة أو منطقة دون منطقة بل حرصت على أن تصل خدماتها إلى أكبر مساحة من مملكتنا الغالية، وما ذلك إلا إدراكاً من القائمين على هذه الجمعية، وعلى رأسهم هذا الرجل المبارك والأمير المسدد صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز، لأهمية هذه الفئة من أبناء هذا الوطن الغالي، وهذه الخدمات الشاملة والمتنوعة إنما تقدم لأبنائنا المعوقين مجاناً بأسلوب عصري وحضاري متميز.
  • انطلقت من جمعية الأطفال المعوقين منذ 18 عاماً مسابقة الأمير سلطان بن سلمان لحفظ القرآن الكريم للأطفال المعوقين، وكنتم ولا تزالون أحد أبرز المساهمين في نشأتها وتطورها.. فكيف ترى هذه المسابقة الفريدة وكيف يمكن تطويرها في المستقبل؟
= تعد مسابقة الأمير سلطان بن سلمان لحفظ القرآن الكريم للأطفال المعوقين من أجل الأعمال وأميزها، وهي عمل نوعي فريد حيث بادرت إلى تقديم خدمة عظيمة لأبنائنا المعوقين، ألا وهي ربطهم بكتاب الله -عز وجل- تلاوة وحفظاً. ولقد كان لي شرف الانضمام إلى هذه المسابقة القرآنية المباركة منذ انطلاقتها وإلى اليوم، والواقع أنها تشهد كل عام تطوراً وتحسناً وتقدماً في برامجها وآليات عملها. ولقد لمست أثرها الكبير في نفوس أولئك الأبناء وهم يتلون كتاب الله أسوة بإخوانهم الأسوياء ثم يتشرفون بالسلام على صاحب الجائزة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان وراعي حفلها، ومن أصحاب الفضيلة من علمائنا الكبار ثم يتسلمون جوائزهم وهي سعادة ما بعدها سعادة، وأحسب أن هذه المسابقة من أعظم الأعمال التي يتقرب بها العبد إلى ربه "خيركم من تعلم القرآن وعلمه" وصاحب السمو الملكي الأمير سلطان هو الذي يتولى الإنفاق الشخصي على هذه الجائزة ويتحمل جميع نفقاتها ومصاريفها، وقد وفقه الله لأن يوقف وقفاً للجائزة لضمان استمرارها، أسأل الله أن يبارك لسموه في ماله وعمره وعمله.. وهي تشهد تقدماً وتطوراً عاماً بعد عام، ولله الحمد.
  • تواجه الكثير من الجمعيات التي تقدم خدمات مجانية لأصحاب الاحتياجات الخاصة وكذلك لتحفيظ القرآن الكريم تراجعا في مواردها المالية من التبرعات والهبات.. فهل ترى أهمية أن تبحث هذه الجمعيات عن بدائل شرعية للتمويل مثل الأوقاف الخيرية؟
= هذا صحيح؛ فإن أكثر الجمعيات والمؤسسات والهيئات التي تقدم خدمات متنوعة للمجتمع على مختلف شرائحه ومستوياته كالجمعيات الخيرية وجمعيات تحفيظ القرآن وغيرها تعاني من قلة الموارد، وهذا من أسباب تراجع نشاطها وأعمالها؛ لأنها تقوم على التبرعات والصدقات، والمتبرع قد يقصر والتبرع قد يتعثر؛ مما يؤثر سلباً فيما تقدمه تلك الجمعيات من أعمال خدمية؛ ولهذا فإن من الأفضل لتلك المؤسسات والهيئات والجمعيات أن تسعى جاهدة إلى إيجاد موارد مالية ثابتة كالأوقاف الخيرية، وأن تعمل على إيجاد وقف يدر عليها ريعاً سنوياً ثابتاً يسهم في تغطية مشاريعها وبرامجها وخدماتها.
  • تبنت جمعية الأطفال المعوقين استراتيجية لإحياء سنة الوقف الخيري المباركة؛ وذلك لتأمين نسبة من الميزانية التشغيلية للمراكز بهدف الاستمرار في تقديم خدماتها المجانية دون أن تتأثر بتذبذب التبرعات في كثير من الأوقات.. فماذا تقولون في هذا التوجه؟
= لقد أحسنت جمعية الأطفال المعوقين عندما بادر رئيس مجلس إدارتها بإيجاد وقف ثابت يضمن استمرارها في تقديم خدماتها. وهذا التوجه الشرعي الحضاري يدل على بعد نظر القائمين على أمر هذه الجمعية وفيه ضمانة -بإذن الله-لاستمرار الخدمات التي تقدمها الجمعية وكذلك المسابقة، وسنة الوقف لها في تاريخنا الإسلامي وتراثنا الديني شأن وقيمة، وقد كانت محل عناية الولاة والعلماء؛ فأسهمت في تيسير كثير من الأعمال الخيرية العلمية والدعوية والصحية والاجتماعية وغيرها.
  • كيف يستفيد أصحاب الاحتياجات الخاصة من المعوقين وغيرهم من الدروس والعبر الكثيرة في هذا الشهر الكريم؟
= وشهر رمضان فرصة لأصحاب الاحتياجات الخاصة من المعوقين وغيرهم لزيادة رصيدهم الإيماني والعلمي، وهذا الشهر فرصة للجميع لمضاعفة الحسنات وزيادة الأجور من خلال المحافظة على الصيام كما يجب "إذا صمت فليصم سمعك وبصرك.." وهو أيضاً فرصة لاستغلال ساعات ليله ونهاره بأنواع العبادات من صلاة وذكر ودعاء وقراءة قرآن وصدقات وكل عمل صالح يقرب إلى الله، وواجب الأهل مساعدة أبنائهم على تحقيق هذه الغاية وتشجيعهم على المنافسة في باب الخيرات واستغلال أوقات هذا الشهر الكريم.
  • هل يرى فضيلتكم أن رجال الأعمال في المملكة يقومون بدورهم تجاه أصحاب الاحتياجات الخاصة، وهل لديكم تصور في تطوير هذا الدور بحيث لا يقتصر على التبرعات في المواسم؟
= من المفترض أن يتسابق الجميع في رمضان وغير رمضان لخدمة المحتاجين "فالله في عون العبد ما دام العبد في عون أخيه" "، "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره"، وفي بلادنا -ولله الحمد- خير كثير، كما أن فيها خيرين كثراً، ولكن هل الإنفاق والدعم على المستوى المطلوب؟ أقول -بكل أسف-: لا، نعم (لا)، وأتمنى أن يراجع المحسنون ورجال الأعمال والمؤسسات المالية أنفسهم؛ ليقوموا بالواجب عليهم لخدمة دينهم ووطنهم ومجتمعهم، وهو واجب ديني ووطني، وهو في الوقت ذاته تجارة مع الله "وما تنفقوا من شيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون".
  • شهدت جلسات مجلس الشورى مؤخراً مناقشات مهمة حول قضية الإعاقة والمعوقين.. فما أبرزها؟
= مجلس الشورى يضم نخبة من أبناء المملكة رجالاً ونساءً، وقضايا المجتمع بشكل عام موضع عنايتهم واهتمامهم، وتأتي في مقدمة اهتماماتهم تلك الفئة الغالية على نفوسنا جميعاً من أبنائنا المعوقين؛ فكثير ما تطرح قضاياهم للمناقشة وتجد من الجميع التأييد والدعم، وقد صدر من المجلس الكثير من القرارات التي تصب في خدمة أبنائنا المعوقين، ومن ذلك على سبيل المثال: -       تعديل مرافق الجوامع والمساجد القائمة بما يناسب احتياجات ذوي الإعاقات المختلفة من المصلين. -       تطبيق برنامج الوصول الشامل لتسهيل حركة المعوقين وضمان سلامتهم. -       افتتاح مدارس خاصة للإعاقة الذهنية بحسب أنواعها تراعي حاجاتهم ومستوى قدراتهم. -       الموافقة على مجموعة من الأحكام الخاصة بتنظيم سكن أسر المعوقين والمصابين بإعاقة، وغير ذلك من القضايا الكثيرة التي تهم المعوقين التي ناقشها المجلس واتخذ بشأنها القرارات اللازمة.